بدأت شركة جنرال موتورز GM، الرائدة في صناعة السيارات بالولايات المتحدة، في اتخاذ إجراءات لتقليص عدد الوظائف في الصين، في خطوة تعكس التحديات المتزايدة التي تواجهها في أكبر سوق للسيارات بالعالم. هذه الخطوة تأتي قبل اجتماع مهم مع شريكتها المحلية “سايك موتور” لبحث إعادة هيكلة واسعة لعملياتها في الصين.
وفقًا لمصادر مطلعة، يأتي هذا القرار بعد أن أدركت جنرال موتورز صعوبة العودة إلى مستويات المبيعات القياسية التي حققتها في السوق الصينية في عام 2017. وتشمل تخفيضات الوظائف بشكل رئيسي الأقسام المعنية بالسوق الصينية، بما في ذلك إدارة الأبحاث والتطوير. بالإضافة إلى ذلك، قد تشمل الخطة المستقبلية لشركة جنرال موتورز و”سايك” خفضًا في القدرة الإنتاجية كجزء من استراتيجية أوسع لإعادة تقييم وجود العلامات التجارية الأمريكية في الصين.
السياق الاقتصادي والاستثماري
تزامنت هذه التحركات مع تزايد انسحاب الاستثمارات الأجنبية من الصين، مما يعكس الشكوك المتزايدة بشأن آفاق الاقتصاد الصيني. خلال الربع الثاني من العام الحالي، شهدت الصين سحب مبالغ كبيرة من الاستثمارات الأجنبية، حيث بلغ التراجع في ميزان الالتزامات الاستثمارية المباشرة حوالي 15 مليار دولار، وهو التراجع الثاني من نوعه منذ عقود.
وإذا استمر هذا الاتجاه حتى نهاية العام، فقد تكون هذه أول مرة منذ عام 1990 يتجاوز فيها حجم الاستثمارات الأجنبية الخارجة من الصين تلك التي تدخل إليها.
تأتي هذه التطورات في ظل تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني وتصاعد التوترات الجيوسياسية، مما دفع بعض الشركات العالمية إلى تقليل استثماراتها، خصوصًا مع التحول السريع نحو السيارات الكهربائية الذي أثّر على اهتمام شركات السيارات التقليدية بالاستثمار في الصين.
ورغم هذا التراجع، تسعى الحكومة الصينية جاهدةً لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، في محاولة لإظهار انفتاحها وحرصها على استمرار التدفقات الاستثمارية، وخاصة في ظل الانخفاض الملحوظ الذي شهدته الاستثمارات الأجنبية في العام الماضي. الحكومة تأمل أن تُسهم الشركات الأجنبية في جلب التكنولوجيا المتقدمة إلى الصين، وتجاوز الضغوط المتزايدة من الولايات المتحدة.
في الوقت نفسه، شهدت الاستثمارات الصينية في الخارج خلال الربع الثاني ارتفاعًا ملحوظًا، حيث وصلت إلى 71 مليار دولار، بزيادة 80% عن الفترة نفسها من العام الماضي. ويعكس هذا النمو المتسارع توسع الشركات الصينية، خاصةً في مجالات السيارات الكهربائية وبطارياتها، في ظل القيود التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على دخول هذه المنتجات الصينية إلى أسواقها.