في لفتة مميزة لتكريم أحد أعظم سائقي فورمولا -Formula 1 عبر التاريخ، ستعود سيارة فريق مكلارين McLaren التي قادها الأسطورة البرازيلية أيرتون سينا Ayrton Senna للفوز ببطولة العالم لعام 1990 إلى مضمار السباق مجددًا. هذه العودة ستكون في سباق جائزة البرازيل الكبرى Brazilian Grand Prix المقرر إقامته مطلع نوفمبر المقبل في مضمار إنترلاجوس Interlagos، ضمن إطار مبادرة خاصة تحمل اسم “سينا للأبد Senna Forever” والتي تهدف إلى إحياء ذكرى سينا بعد مرور 30 عاماً على وفاته.
وأعلنت فورمولا -Formula 1 عن هذه المبادرة، لكنها لم تكشف عن هوية السائق الذي سيحظى بشرف قيادة السيارة التاريخية مكلارين إم بي4/5 بي – McLaren MP4/5B، وهي السيارة التي قادها سينا لتحقيق لقبه الثالث في بطولة العالم. ومن المتوقع أن تثير هذه اللفة التاريخية مشاعر الحنين والفخر بين المشجعين البرازيليين الذين يعتبرون سينا رمزًا وطنيًا.
سيتعاون فريقا هوندا Honda ومكلارين McLaren لجلب السيارة إلى البرازيل، وذلك تكريماً للإرث الذي تركه سينا في عالم السباقات. بعد انتهاء اللفة التاريخية، ستُعرض السيارة قرب مرآب الفريق في المضمار، مما يتيح للمشجعين فرصة الاقتراب منها وتذكر الأيام الذهبية التي سطّر فيها سينا اسمه كأحد أعظم السائقين في تاريخ فورمولا-1 .
وطُلب من المشجعين الذين سيحضرون سباق جائزة ساو باولو الكبرى São Paulo Grand Prix ارتداء الألوان الوطنية للبرازيل – الأخضر والأصفر – تكريماً لسينا الذي توفي في حادث مأساوي أثناء سباق جائزة سان مارينو الكبرى San Marino Grand Prix عام 1994، وهو الحادث الذي لا يزال محفورًا في أذهان عشاق الرياضة حتى اليوم.
أيرتون سينا Ayrton Senna، الذي يعتبره الكثيرون أفضل سائق في تاريخ فورمولا-1، حقق ثلاثة ألقاب عالمية مع فريق مكلارين في أعوام 1988 و1990 و1991. وكانت قيادته الحماسية والمهارات الفائقة التي أظهرها على المضمار سببًا في حب الجماهير له، ليس فقط في البرازيل بل حول العالم. ويأتي هذا التكريم في الوقت الذي تتجدد فيه الذكريات حول مسيرته الأسطورية، ليعيد الحماس لأجيال جديدة من مشجعي السباقات.
هذا الحدث سيضيف بلا شك لمسة عاطفية قوية لسباق جائزة البرازيل الكبرى، حيث ستشعل عودة سيارة سينا الشهيرة ذكريات زمن ذهبي للرياضة، وتجسد استمرارية إرثه الذي لن يُنسى.
أيرتون سينا Ayrton Senna أسطورة سباقات الفورملا-1 الذي لا يُنسى
وُلد أيرتون سينا Ayrton Senna في 21 مارس 1960 بمدينة ساو باولو São Paulo البرازيلية، ويُعد أحد أعظم السائقين في تاريخ فورمولا-1 Formula . اشتهر سينا بمهاراته القيادية الفريدة على المضمار، شخصيته الحماسية، وقدرته الاستثنائية على السيطرة على السيارة في ظروف الطقس القاسية، وخاصةً في الأمطار، حيث كان يعرف بـ ملك الأمطار.
بدأ سينا مشواره في عالم رياضة السيارات منذ سن مبكرة، حيث شارك في سباقات الكارتينغ Karting، ومن ثم انتقل إلى أوروبا ليشارك في سباقات فورمولا فورد Formula Ford وفورمولا-3 Formula . بفضل أدائه المبهر في هذه الفئات، جذب اهتمام الفرق الكبيرة في فورمولا- 1 ليبدأ مسيرته الاحترافية في عام 1984 مع فريق تولمان Toleman.
بداية التألق مع فريق لوتس
في عام 1985، انتقل سينا إلى فريق لوتس Lotus، حيث بدأ يُظهر مواهبه الحقيقية كسائق من طراز عالمي. خلال تواجده مع الفريق، حقق سينا أول انتصاراته في السباقات، بما في ذلك سباق جائزة البرتغال الكبرى Portuguese Grand Prix الذي شهد أداءً مذهلاً من سينا في ظروف مطرية صعبة. كان هذا السباق بمثابة إعلان عن ميلاد نجم سيتحول إلى أسطورة.
العصر الذهبي مع مكلارين
جاءت النقلة الحقيقية في مسيرة سينا عندما انضم إلى فريق مكلارين McLaren في عام 1988، حيث شكل ثنائيًا أسطوريًا مع السائق الفرنسي ألان بروست Alain Prost. في أول موسم له مع مكلارين، تمكن سينا من تحقيق أول ألقابه العالمية بعد صراع شرس مع بروست. استمر سينا مع مكلارين في تحقيق النجاحات، حيث فاز بالبطولة العالمية ثلاث مرات في أعوام 1988 و1990 و1991.
من بين أعظم انتصاراته كان في موناكو Monaco، حيث فاز بالسباق الشهير ست مرات، ليُصبح أكثر سائق فوزًا في تاريخ الجائزة الكبرى لهذا المضمار. تُعد مهارات سينا في سباقات الشوارع والإمطار جزءًا أساسيًا من إرثه، حيث أظهر براعة استثنائية في التحكم بالسيارة في أصعب الظروف.
المنافسة مع ألان بروست
يُعتبر التنافس بين سينا وبروست من أشهر المنافسات في تاريخ فورمولا-1 اشتعلت هذه المنافسة عندما كان كلا السائقين في فريق مكلارين، وبلغت ذروتها في حادثي التصادم الشهيرين بينهما في سباق جائزة اليابان الكبرى Japanese Grand Prix عامي 1989 و1990، اللذين حسما البطولة لصالح كل منهما في عاميهما.
التوجه نحو فريق ويليامز ونهاية مأساوية
في عام 1994، انضم سينا إلى فريق ويليامز Williams بعد سنوات طويلة من النجاح مع مكلارين. ومع ذلك، لم يكن الموسم ميسراً كما توقع سينا، حيث واجه العديد من التحديات التقنية في السيارة. جاء الحدث الأكثر تراجيدية في مسيرته عندما تعرض لحادث مميت في سباق جائزة سان مارينو الكبرى San Marino Grand Prix في مضمار إيمولا Imola يوم 1 مايو 1994. اصطدمت سيارة سينا بالحائط الإسمنتي في اللفة السابعة من السباق بسرعة عالية، مما أدى إلى وفاته نتيجة الإصابات التي تعرض لها في رأسه.
الإرث الذي تركه
بعد وفاته، أصبح سينا رمزًا عالميًا يتجاوز عالم سباقات السيارات. أطلق اسمه على العديد من المؤسسات الخيرية والمنشآت التعليمية، أبرزها مؤسسة أيرتون سينا Ayrton Senna Foundation التي تكرس جهودها لتحسين التعليم وتطوير الأطفال والشباب في البرازيل. كذلك، يتم الاحتفال بذكراه في جميع أنحاء العالم سنويًا، خصوصًا في بلده البرازيل، حيث لا يزال يعتبر بطلاً قومياً.
بالإضافة إلى ذلك، يُذكر سينا كشخصية ملهمة ليس فقط بسبب موهبته الفائقة كسائق، ولكن أيضًا بسبب شغفه وشجاعته. كان يُظهر دائمًا إرادة قوية للانتصار وقدرة على تقديم أداء استثنائي في أصعب الظروف. مع مرور السنوات، يظل سينا مصدر إلهام للأجيال الجديدة من السائقين والمشجعين، ويعتبره الكثيرون أفضل سائق في تاريخ F1.
التكريمات والاعترافات العالمية
بعد وفاته، حصل سينا على العديد من التكريمات، بما في ذلك اختياره كواحد من أعظم الرياضيين في القرن العشرين. لا يزال اسمه محفورًا في قلوب محبي فورمولا- 1، ولا يمكن أن يمر ذكر السباقات دون استحضار إرثه. يُقام العديد من التكريمات سنويًا لتخليد ذكراه، بما في ذلك الفعاليات الخاصة مثل مبادرة “سينا للأبد Senna Forever” التي ستشهد عودة سيارته الأسطورية مكلارين إم بي4/5 بي McLaren MP4/5B إلى مضمار إنترلاجوس في سباق جائزة البرازيل الكبرى، لتكون لحظة مؤثرة في تكريم هذا الأسطورة الذي رحل عن العالم بجسده ولكنه لا يزال حيًا في قلوب الملايين.