تُعد شركة هيونداي موتور Hyundai Motor واحدة من أبرز الشركات في مجال السيارات التي جعلت الهيدروجين محور استراتيجيتها نحو مستقبل مستدام. ومع مرور 27 عامًا على انطلاق هيونداي في مجال تكنولوجيا خلايا الوقود الهيدروجينية، التزمت الشركة بتطوير هذا المصدر الواعد للطاقة النظيفة، الذي يمكن أن يحقق مستقبلاً مستدامًا يساهم في رفاهية الأجيال القادمة.
رحلة هيونداي نحو استكشاف الإمكانات الكاملة للطاقة الهيدروجينية
بدأت هيونداي رحلتها في عام 1998 حينما قررت الدخول في مجال تطوير السيارات الكهربائية العاملة بخلايا الوقود، وهو قرار كان يتطلب الكثير من الجرأة؛ إذ لم يكن هناك ضمان بتحقيق نجاح سريع أو أرباح فورية. بل، كان الحافز الرئيسي لهذا القرار إحساسًا عميقًا بالمسؤولية تجاه خلق بيئة مستدامة للأجيال القادمة. استمدت هيونداي إلهامها من تقنية خلايا الوقود الهيدروجينية التي استخدمتها وكالة ناسا في مهمة أبولو 11، التي نقلت الإنسان إلى القمر عام 1969. ومن أجل تفعيل هذا التوجه الطموح، دخلت هيونداي في شراكة استراتيجية مع شركة UTC Power الأمريكية، وهي شركة كانت تُزود وكالة ناسا بتقنية خلايا الوقود.
تحول هيونداي من متابع إلى رائد في مجال الهيدروجين
في بداية الألفية الجديدة، لم تكن هناك تقنية خلايا وقود هيدروجينية متاحة تجاريًا في كوريا، ولذلك لجأت هيونداي إلى التعاون مع الشركات الرائدة في الدول الأخرى لتعويض هذا النقص. ونجحت هيونداي في تكوين شراكة مع شركة UTC Power ، حيث أطلقت مشروع ميركوري Mercury Project الذي حمل اسم الكوكب الأقرب إلى الشمس تعبيرًا عن شغف هيونداي للحاق بالركب التكنولوجي العالمي. ونتيجة لهذا التعاون، تبادلت هيونداي حوالي 2600 وثيقة مع باحثي UTC Power ، وأرسلت سبعة باحثين إلى الولايات المتحدة ليعملوا بالتناوب مع فريق البحث الأمريكي، مما أدى إلى تسريع عملية تطوير السيارة الكهربائية العاملة بخلايا الوقود. وبعد ستة أشهر من البحث المكثف، قدمت هيونداي سيارتها الأولى بخلايا الوقود تحت اسم MERCURY I في عام 2000، والتي شاركت في تحدي ميشلان 2001 للتنقل المستدام، حيث حصلت على جائزة تقديرية مكنتها من عرض تكنولوجيتها الهيدروجينية للعالم.
تطوير وحدة خلايا الوقود الهيدروجينية المستقلة
أثناء انشغال هيونداي بمشروع ميركوري، بدأت مشروعًا موازيًا يُعرف باسم مشروع بولاريس Polaris Project داخل كوريا، والذي كان يهدف إلى تطوير وحدات خلايا وقود الهيدروجين بشكل مستقل. أطلق المشروع تيمناً بالنجم القطبي، الذي كان يستخدمه المستكشفون للوصول إلى وجهاتهم، كرمز لعزم هيونداي الثابت نحو تطوير وحدة خلايا وقود مستقلة. واجهت الشركة تحديات عديدة، من بينها استخدام الجرافيت كعنصر للصفائح الثنائية في خلايا الوقود. وبعد جهد مكثف، تمكن الباحثون من التغلب على الصعوبات التقنية، وأخيراً نجحوا في تطوير وحدة خلايا الوقود المستقلة في عام 2004. حققت السيارة التي طورت من خلال مشروع بولاريس إنجازات ملحوظة، إذ فازت بجائزة في تحدي ميشلان 2007 وأكملت جولات تجريبية ناجحة في الطرقات الأمريكية خلال عامي 2008 و2009.
الانطلاق نحو الإنتاج الضخم مع سيارة TUCSON ix Fuel Cell
واجهت هيونداي تحديات كبيرة في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، نتيجة للأزمة المالية العالمية وزيادة الطلب على السيارات الكهربائية العاملة بالبطاريات. ومع ذلك، قررت هيونداي تحويل هذه الأزمة إلى فرصة وبدء الإنتاج الضخم للسيارات الكهربائية العاملة بخلايا الوقود الهيدروجينية. استمرت هيونداي في البحث والتطوير لتطوير وحدة خلايا وقود ملائمة للإنتاج الضخم، ما أسفر في عام 2013 عن إطلاق أول سيارة كهربائية بخلايا الوقود يتم إنتاجها بكميات كبيرة في العالم، وهي TUCSON ix Fuel Cell.
لتسويق هذه التقنية، استهدفت هيونداي السوق الأوروبية، حيث كان هناك اهتمام واسع بالسيارات الهيدروجينية، ونجحت في تحقيق هدفها ببيع 1000 وحدة.
الجيل الجديد من السيارات الهيدروجينية مع NEXO
في عام 2018، أطلقت هيونداي سيارة NEXO ، أول سيارة مخصصة بخلايا الوقود الهيدروجينية. تميزت NEXO بكونها أول سيارة من هيونداي تحصل على أعلى تصنيف للسلامة من برنامج تقييم السيارات الجديدة Euro NCAP ، واختيرت كواحدة من أفضل 10 محركات من قبل Wards Auto . تصدرت هيونداي إجمالي مبيعات سيارات الهيدروجين المخصصة للركاب، وبدأت أيضًا في تصدير أنظمة خلايا الوقود إلى دول أخرى، مما جعلها رائدة عالميًا في هذا المجال.
INITIUM خطوة جديدة نحو مجتمع الهيدروجين
تستعد هيونداي للكشف عن INITIUM ، وهي سيارة مستقبلية تهدف إلى تعزيز استخدام الهيدروجين كمصدر طاقة أساسي. يعكس اسم INITIUM ، الذي يعني “البداية” باللغة اللاتينية، طموح هيونداي في ريادة مجتمع الهيدروجين من خلال تصميم يرمز إلى بداية جديدة في مجال الطاقة النظيفة.
التزام هيونداي بمستقبل مستدام
تواصل شركة هيونداي التزامها بتطوير الهيدروجين كمصدر طاقة نظيف ومتاح للجميع، حيث يؤكد Jaehoon Chang ، الرئيس التنفيذي لشركة هيونداي، قائلاً: “على مدار 27 عامًا منذ أن بدأنا في تطوير السيارات التي تعمل بالطاقة الهيدروجينية، تغيرت الكثير من الأمور، لكن ما يظل ثابتًا هو عدالة الهيدروجين ووفرة مصادره، واعتزامنا الواضح على تقديم غدٍ أفضل للأجيال القادمة. ندعوكم للانضمام إلينا في هذه الرحلة الرائدة نحو مستقبل يعتمد على الهيدروجين كخيار للطاقة النظيفة والمستدامة”.