كشفت نتائج استطلاع حديث أجرته مؤسسة “سيفي” بالتعاون مع بوابة “Web.de” الإخبارية عن توجهات الرأي العام الألماني تجاه إمكانية تدخل الدولة لإنقاذ مصانع شركة فولكس فاجن Volkswagen المهددة بالإغلاق.
وأظهرت النتائج أن غالبية الألمان يرفضون التدخل الحكومي لإنقاذ الشركة، حيث عبر 61% من المشاركين عن معارضتهم لهذا الإجراء، في حين أيده 25% فقط، ما يعكس تحولاً واضحاً في الرأي العام حول دعم الدولة للشركات الكبرى.
أُجري الاستطلاع في الفترة ما بين 30 أكتوبر وحتى بداية نوفمبر، وشمل عينة تمثيلية مكونة من 5001 شخص، مما يمنح النتائج ثقلاً في فهم المزاج الشعبي تجاه دعم الشركة الرائدة في صناعة السيارات بألمانيا. وتأتي هذه النتائج في وقت تواجه فيه فولكس فاجن تحديات عديدة تهدد بعض مصانعها بالإغلاق بسبب التحولات الكبيرة في سوق السيارات وارتفاع تكاليف الإنتاج، بالإضافة إلى زيادة المنافسة العالمية من قبل الشركات الصينية والأميركية.
الدور المهم للدولة في فولكس فاجن
الدولة الألمانية ليست مجرد مراقب خارجي في شركة فولكس فاجن، بل تلعب دوراً أساسياً في قراراتها الاستراتيجية. فولاية سكسونيا السفلى Lower Saxony، التي يقع فيها مقر الشركة الرئيسي في مدينة فولفسبورج Wolfsburg، تمتلك 20% من حقوق التصويت داخل الشركة. ولا تقتصر مشاركة الولاية على حقوق التصويت فحسب، بل تُمثل أيضاً بشكل مباشر في مجلس الإشراف على الشركة، حيث يشغل رئيس حكومة الولاية شتيفان فايل Stephan Weil ونائبته يوليا فيلي هامبورج Julia Willie Hamburg مقاعد في المجلس.
هذا التمثيل يُمنح الولاية سلطة كبيرة في اتخاذ القرارات المهمة داخل فولكس فاجن، حيث يشكل ممثلو الولاية وأعضاء من نقابات العاملين في الشركة أغلبية في المجلس، مما يعطي سكسونيا السفلى حق النقض في القرارات الحيوية التي تؤثر على مستقبل الشركة.
فولكس فاجن بين الماضي والمستقبل
تأسست فولكس فاجن في ثلاثينيات القرن الماضي وتطورت لتصبح واحدة من أكبر شركات السيارات في العالم، كما أنها تُعتبر رمزاً للصناعة الألمانية. ومع ذلك، فإن الشركة لم تكن بمنأى عن الفضائح والتحديات، حيث تعرضت في 2015 لضربة قوية بعد فضيحة ديزل غيت Dieselgate، التي كشفت عن تلاعب الشركة في اختبارات الانبعاثات. وعلى الرغم من الجهود الحثيثة لاستعادة ثقة الجمهور والتوجه نحو التحول الكهربائي، إلا أن التحولات السريعة في السوق تضع الشركة أمام تحديات تهدد وجود بعض مصانعها.
إلى جانب ذلك، تشهد فولكس فاجن منافسة شرسة من الشركات الصينية التي تركز بشكل كبير على السيارات الكهربائية، مما يُلقي بظلاله على مستقبلها في السوق العالمية. ورغم الخطط الطموحة للتحول نحو السيارات الكهربائية، إلا أن عمليات التحول تستلزم استثمارات ضخمة قد تُرهق موارد الشركة.
مستقبل غامض وإرادة شعبية رافضة للدعم
تبرز نتائج الاستطلاع توجهات جديدة داخل المجتمع الألماني، حيث يبدو أن الشعب بدأ يفقد الحماس لدعم الشركات الكبرى بشكل غير مشروط. ويعكس رفض 61% من المشاركين لتدخل الدولة لإنقاذ مصانع فولكس فاجن قلقاً متزايداً حول استمرارية التدخل الحكومي في الشركات الخاصة. ويرى البعض أن هذه الشركات يجب أن تتحمل مسؤوليتها بنفسها، خاصة عندما تتوفر لها موارد ضخمة وقدرة على التكيف مع التحولات السوقية.
في المقابل، يرى المؤيدون، وهم 25% من المشاركين، أن إنقاذ مصانع فولكس فاجن لا يقتصر فقط على دعم الشركة، بل يسهم في الحفاظ على الآلاف من فرص العمل ويساعد في دعم الاقتصاد المحلي، لا سيما في المناطق التي تعتمد بشكل كبير على هذه المصانع.
بينما تستمر المناقشات حول مصير فولكس فاجن ومستقبلها، يبقى السؤال: هل ستتدخل الدولة لإنقاذها رغم معارضة الرأي العام، أم أن فولكس فاجن ستجد نفسها مضطرة لمواجهة تحدياتها وحدها؟