في ظل التصعيد المستمر بالـ الحرب التجارية التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أصدرت شركة تسلا Tesla، المتخصصة في مجال السيارات الكهربائية والتي يملكها الملياردير إيلون ماسك Elon Musk، تحذيرًا شديد اللهجة بشأن التداعيات المحتملة للسياسات الحمائية التي تفرضها واشنطن. وأوضحت الشركة أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى فرض رسوم جمركية انتقامية من قبل الدول المتضررة، مما سيرفع تكاليف الإنتاج، ويهدد القدرة التنافسية للمركبات الكهربائية المصنعة في الولايات المتحدة.
مخاوف تسلا
في خطاب رسمي موجّه إلى الممثل التجاري الأمريكي جيميسون جرير Jamieson Greer، أعربت تسلا عن دعمها لمبادئ “التجارة العادلة”، لكنها حذرت من أن الشركات الأمريكية، وخاصة المصدّرة، قد تواجه آثارًا غير متناسبة بسبب ردود الفعل العالمية على السياسات الأمريكية. وجاء في الخطاب المؤرخ 11 مارس أن الإجراءات التجارية السابقة التي فرضتها الولايات المتحدة أثارت ردود فعل فورية من الدول المستهدفة، بما في ذلك رفع الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية الأمريكية، مما يضعف فرصها في الأسواق الخارجية.
وأشارت تسلا إلى أن هذه التدابير قد تضر بشكل خاص بالقطاع الصناعي الأمريكي، حيث يعتمد الإنتاج، حتى مع ارتفاع التصنيع المحلي، على استيراد مواد خام ومكوّنات رئيسية من الأسواق الدولية. وأكدت الشركة أن “الإجراءات التجارية لا ينبغي أن تتعارض مع الأهداف الرامية إلى تعزيز التصنيع المحلي، بل يجب أن تكون متوافقة مع سياسات تدعم سلاسل التوريد المستدامة”.
التداعيات المباشرة على صناعة السيارات الكهربائية
لطالما كانت السيارات الكهربائية محورًا رئيسيًا في الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، لكن التصعيد التجاري بين الولايات المتحدة ودول أخرى قد يعرقل هذا التقدم. وفقًا لخبراء الصناعة، فإن فرض رسوم جمركية انتقامية على السيارات الكهربائية الأمريكية قد يؤدي إلى، ارتفاع أسعار السيارات الكهربائية، مما يجعلها أقل تنافسية في الأسواق العالمية.
أيضاً قد يساهم ذلك في اضطرابات في سلاسل التوريد بسبب القيود على استيراد المكوّنات الرئيسية، مثل البطاريات المتطورة ومعادن الليثيوم والكوبالت. كما سيعمل على تراجع الاستثمارات في قطاع السيارات الكهربائية الأمريكي نتيجة حالة عدم اليقين التجاري، مما قد يدفع الشركات إلى نقل الإنتاج إلى دول أخرى أقل تأثرًا بالقيود الجمركية.
وتأتي هذه التحذيرات في وقت تشهد فيه تسلا منافسة متزايدة من شركات عالمية مثل BYD الصينية، ومرسيدس-بنز Mercedes-Benz، BMW.
السياسات التجارية وتأثيرها على الابتكار والنمو الاقتصادي
منذ توليه منصبه، سعى الرئيس السابق دونالد ترامب إلى تقليص العجز التجاري للولايات المتحدة من خلال فرض تعريفات جمركية على الواردات، لكن هذه الإجراءات أثارت ردود فعل قوية من الشركاء التجاريين مثل الاتحاد الأوروبي، والصين، وكندا، والمكسيك. وشهدت السنوات الماضية حروبًا تجارية متبادلة أدت إلى اضطرابات في أسواق السلع والخدمات، مما أثر على الشركات الأمريكية التي تعتمد على التصدير.
وتعد تسلا واحدة من أبرز الأمثلة على الشركات التي تعتمد على التجارة العالمية للحفاظ على قدرتها التنافسية. فرغم تصنيع جزء كبير من مركباتها داخل الولايات المتحدة، إلا أن إنتاجها يعتمد على مواد خام مثل الليثيوم والنيكل والكوبالت، والتي يتم استيرادها من دول مثل أستراليا وكندا وإندونيسيا. ومع فرض قيود جديدة، قد تضطر الشركة إلى البحث عن بدائل محلية، وهو ما قد يرفع تكاليف الإنتاج.
الضغط على الإدارة الأمريكية ..هل يتم تعديل السياسات التجارية؟
تحذير تسلا يسلّط الضوء على التحديات التي تواجهها الشركات الأمريكية في ظل سياسات التجارة الحمائية. ومع استمرار الضغط من قبل الشركات الكبرى والمصنّعين، قد تجد الإدارة الأمريكية نفسها مضطرة لإعادة النظر في هذه السياسات.
من ناحية أخرى، تحاول الصين والاتحاد الأوروبي استغلال هذه الفرصة لتعزيز مكانتهما في قطاع السيارات الكهربائية، حيث قامت الصين بتوسيع إنتاجها من بطاريات الليثيوم أيون، بينما تواصل أوروبا تقديم حوافز سخية لجذب الاستثمارات في صناعة السيارات الكهربائية.