في خطوة استراتيجية تهدف إلى حماية أحد أعمدة اقتصادها الوطني، أعلنت حكومة كوريا الجنوبية عن ضخ سيولة إضافية بقيمة تريليوني وون كوري، أي نحو 1.35 مليار دولار أمريكي لدعم صناعة السيارات المحلية. ويأتي هذا القرار في إطار مواجهة تداعيات الرسوم الجمركية البالغة 25% التي فرضتها الإدارة الأمريكية مؤخرًا على واردات السيارات.
ومن المقرر أن تساهم هذه المخصصات الجديدة في رفع إجمالي حجم الدعم الحكومي للقطاع إلى 15 تريليون وون، أي نحو 10.2 مليار دولار أمريكي. وتُعد السيارات أكبر سلعة تصديرية لكوريا الجنوبية إلى الولايات المتحدة، حيث بلغت قيمة صادرات السيارات إلى السوق الأمريكية خلال العام الماضي 34.7 مليار دولار أمريكي، ما يمثل حوالي نصف إجمالي صادرات السيارات الكورية.
تدابير إضافية لتعزيز السوق المحلية
لا يقتصر دعم الحكومة على ضخ السيولة فقط، بل تخطط سيول لاتخاذ سلسلة من الإجراءات لتعزيز السوق المحلية للسيارات، في محاولة لتعويض أي تراجع محتمل في الطلب الخارجي. ومن بين هذه الإجراءات، توسيع نطاق الدعم المالي للسيارات الكهربائية، بما يشمل زيادة الحوافز المقدمة للمستهلكين الراغبين في اقتناء سيارات صديقة للبيئة.
كما تشمل تمديد الخصومات الضريبية على مشتريات السيارات الجديدة، لتشجيع المواطنين على تجديد سياراتهم ودعم الطلب المحلي، مراجعة شاملة للسياسات المتعلقة بسوق التنقل المستقبلية، لضمان بقاء كوريا الجنوبية في طليعة الدول الرائدة في هذا المجال.
التركيز على تكنولوجيا القيادة الذاتية
تسعى الحكومة الكورية الجنوبية أيضًا إلى تحقيق نمو أكثر استدامة في قطاع السيارات عبر التركيز على التقنيات المستقبلية، وعلى رأسها القيادة الذاتية. وضمن هذا الإطار، أعلنت الحكومة أنها ستصنف تكنولوجيا القيادة الذاتية كـ”تقنية استراتيجية وطنية”، مما يتيح توفير حوافز مالية وضريبية ضخمة لمشاريع البحث والتطوير والاستثمار في هذا المجال.
كما ستدعم الحكومة الكورية خطة مجموعة هيونداي موتور Hyundai Motor Group الطموحة لاستثمار 24.3 تريليون وون خلال العام الجاري. ويشمل هذا الاستثمار بناء مرافق تصنيع متطورة للسيارات الكهربائية وتطوير تقنيات السيارات المعرفة بالبرمجيات Software-Defined Vehicles.
خطط مستقبلية لسوق التنقل الذكي
تعتزم الحكومة الكورية وضع خريطة طريق وطنية خلال النصف الأول من هذا العام لتطوير تقنيات متكاملة للسيارات ذاتية القيادة. كما ستطرح خطة خمسية خلال الربع الثالث من العام الجاري تهدف إلى تعزيز نمو سوق التنقل المستقبلي، الذي يشمل السيارات الكهربائية ووسائل النقل الذكية الأخرى.
وتشمل المبادرات الأخرى دعم التشريعات للسماح ببيع السيارات ذاتية القيادة من المستوى الرابع Level 4 Autonomous Vehicles، وهو ثاني أعلى مستوى ضمن التصنيف الدولي للقيادة الآلية، حيث يمكن للمركبة القيادة ذاتيًا في معظم الظروف دون الحاجة لتدخل بشري.
أهمية قطاع السيارات للاقتصاد الكوري
تُعد صناعة السيارات أحد الأعمدة الرئيسية للاقتصاد الكوري الجنوبي. وتحتل كوريا الجنوبية المرتبة الخامسة عالميًا من حيث إنتاج السيارات، وتلعب شركات مثل هيونداي موتو Hyundai Motor، وكيا Kia، وجينيسيس Genesis، دورًا محوريًا في تعزيز الصادرات الكورية وتعزيز الابتكار التكنولوجي. وتشكل السيارات أكثر من 10% من إجمالي الصادرات الكورية، مما يبرز أهمية القرارات الحكومية الأخيرة في حماية هذه الصناعة الحيوية من الاضطرابات التجارية العالمية.
وتأتي هذه الإجراءات وسط تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وحلفائها التجاريين التقليديين، مما يفرض على الدول المصدرة مثل كوريا الجنوبية تكثيف جهودها لحماية صناعاتها الوطنية وضمان استدامة نموها الاقتصادي.