تعتبر الوسائد الهوائية Airbags اليوم إحدى أهم تقنيات الأمان في السيارات، فهي تمثل فارقًا حقيقيًا بين الحياة والموت في الحوادث المرورية. لكن كيف بدأت فكرة الوسائد الهوائية؟ وما هو مسار تطورها حتى أصبحت جزءًا لا يتجزأ من أنظمة الأمان الحديثة في السيارات؟
البداية .. فكرة مبتكرة من الخمسينيات
ترجع فكرة الوسائد الهوائية إلى بداية الخمسينيات، عندما أدرك المهندس الأمريكي جون هيتريك John W. Hetrick الحاجة إلى وسيلة إضافية لحماية الركاب خلال الحوادث. في عام 1952، قدّم هيتريك براءة اختراع لأول نظام للوسائد الهوائية بعد أن استلهم الفكرة من استخدام وسائد الضغط الهوائية في الطائرات العسكرية لتخفيف الصدمات. كانت فكرته تعتمد على استخدام وسادة قابلة للنفخ بسرعة كبيرة عند وقوع حادث لتقليل تأثير الصدمة على الركاب.
ورغم ابتكار هيتريك المبدع، لم يجد نظامه قبولًا واسعًا في تلك الفترة، حيث لم تكن التكنولوجيا المتاحة قادرة على جعل الوسائد الهوائية فعالة بما يكفي، وخاصةً في السيارات المدنية.
تطور الفكرة ..دخول التكنولوجيا الحديثة
مع تقدم التكنولوجيا في الستينيات، بدأت شركة مرسيدس-بنز Mercedes-Benz العمل على تطوير نظام أمان يشمل الوسائد الهوائية، وتم تسجيل براءة اختراعها في عام 1967. في الوقت نفسه تقريبًا، كانت شركة جنرال موتورز General Motors تعمل أيضًا على تجربة نماذج أولية للوسائد الهوائية.
لكن النجاح الحقيقي جاء في السبعينيات عندما قامت مرسيدس-بنز بتقديم أول سيارة إنتاجية مزودة بوسائد هوائية في عام 1981، وهي مرسيدس الفئة S كان هذا التقدم بداية لمرحلة جديدة في عالم الأمان على الطرقات، حيث كانت الوسائد الهوائية الأمامية مخصصة لحماية السائق والراكب الأمامي.
وسبقت مرسيدس شركتا جنرال موتورز وفورد في تركيب الوسائد الهوائية في عدد قليل من سياراتهم التجريبية خلال السبعينيات. قررت جنرال موتورز طرح سيارات مزودة بوسائد هوائية لمشتريات أسطول حكومي على شكل شيفروليه إمبالا 1973. تم اختبار هذه السيارات في حوادث بعد مرور 20 عامًا على وجودها، وكانت النتائج مذهلة، حيث أن الوسائد الهوائية لا تزال تعمل بكفاءة.
التسعينيات ..اعتماد عالمي وانتشار واسع
مع دخول التسعينيات، أصبحت الوسائد الهوائية معيارًا عالميًا للسيارات، حيث بدأ العديد من المصنعين في إضافة هذه التقنية كجزء من حزمة الأمان القياسية. في الولايات المتحدة، أصبحت الوسائد الهوائية الأمامية إلزامية لجميع السيارات الجديدة المباعة اعتبارًا من عام 1998.
وفي نفس الفترة، بدأت شركات السيارات في تطوير أنظمة أكثر تطورًا، مثل الوسائد الهوائية الجانبية، التي تحمي الركاب من الصدمات الجانبية، وهي خطوة أخرى نحو تحسين الأمان.
العصر الحديث ..الذكاء والابتكار في الوسائد الهوائية
مع دخول القرن الحادي والعشرين، شهدت الوسائد الهوائية تطورات هائلة. لم تعد تقتصر على السائق والراكب الأمامي فقط، بل باتت تشمل مختلف جوانب السيارة. اليوم، يمكن أن تحتوي السيارات الحديثة على ما يصل إلى 10 وسائد هوائية أو أكثر، بما في ذلك الوسائد الهوائية الجانبية، والوسائد الهوائية الخاصة بالركبة، وحتى الوسائد الهوائية لحماية المشاة.
إضافة إلى ذلك، أصبحت أنظمة الوسائد الهوائية مرتبطة بأنظمة استشعار متقدمة تراقب حركة السيارة وسرعتها لتحديد الوقت الأنسب لتفعيل الوسادة الهوائية. ومع تطور الذكاء الصناعي، أصبحت هذه الأنظمة أكثر قدرة على التكيف مع طبيعة الحوادث المختلفة.